مهرجان الربيع العربي

إبتداء من عام “2014” يقوم منتدى الربيع العربي بأمستردام بتنظيم مهرجان ثقافي وفنّي سنوي في عدة مجالات مختلفة وذلك للتعريف بالثقافات العربية المختلفة ودعوة الفنانين والمثقفين العرب في مختلف الدول العربية للمشاركة بأعمالهم المختلفة لتعريف المواطن الهولندي بهذه الثقافات الضاربة في عمق التاريخ والعمل على دعم الحوار الثقافي والفني بين الفنانين والمثقفين العرب ونظرائهم الهولنديين من ناحية وبين المواطنين العرب والمواطنين الهولنديين والأوروبيين من ناحية أخرى.

لماذا هذا المهرجان؟
إهتمت الشعوب الغربية كثيرا بالثورات العربية منذ بدايتها، وساندت الثوار بطرق مختلفة منها التأييد المباشر أو الخروج في مظاهرات تأييد لتلك الثورات أو الحديث في البرامج الإعلامية أو الضغط على الأحزاب السياسية لتأييد الثورات من ناحية والضغط على الحكومات الأوروبية ومطالبتها بالضغط بدورها على السلطات العربية من أجل الإستماع لمطالب الثوار والإهتمام بها وأخذها في الإعتبار.

والمعروف أنّ ثورات الربيع العربي لم يكن مخططا لها مسبقا، ولم تكن لها قيادات معروفة كما أن الإعلام المحلّي لم يكن مهتما بها إلا من خلال البيانات الرسمية التي كانت تصدرها وزارات الداخلية دون أن تتاح للثوار فرصة التعبير عن رأيهم أو وجهة نظرهم، بل لقد اختفى الإعلام المحلي والرسمي إختفاء كليا من على الساحة، فكانت الكلمة للحكومات فقط. ومن هنا ظهر الدور المهم لنوعين من الإعلام، أولهما هو الإعلام الأجنبي والقنوات الإخبارية الخاصة، وثانيهما هو الإعلام الميداني من خلال كاميرات الفيديو الشخصية التي استخدمها الشباب المتظاهر في الساحات وتبعها إعلام الصور والأفلام التي تم التقاطها وتصويرها بواسطة التليفون المحمول “الموبايل” والذي استخدمه كلا من الشباب المشاركين في الثورة والمظاهرات وكذلك كل من تصادف وجوده في موقع الحدث ولو على سبيل الصدفة. وهذا هو ما شبهه الخبراء الغربيين بـ “إعلام الواقع”.

وبعد انتهاء الثورات وبداية التغيير الفعلي في دول الثورات العربية، بدأت نتائج تلك الثورات في الظهور وكان لها سلبيات وإيجابيات ووقعت أحداث جديدة تؤيد الثورات أحيانا وتتعارض معها أحيانا أخرى. هذه الأحداث لم تلقى من الإعلام نفس الإهتمام الذي لقيته أحداث الثورات الأولى، وهكذا فقد المواطن الأوروبي خطوط الإتصال والتواصل مع توابع الثورات وأحداث الربيع العربي المتتالية، ولذلك سيكون هذا المهرجان سنويا لأجل متابعة التطورات الحادثة على أرض الواقع ومقارنتها بانتظام مع السنوات السابقة.

فمن ناحية، يهدف مهرجان الثقافات العربية بكل فعالياته المختلفة، إلى تسجيل أحداث الثورات العربية كما تابعها المواطن في الشارع وعلى أرض الواقع. ذلك لأنه في ظل غياب إعلام حرّ ومستقل ومحايد في دول الربيع العربي تبقى الصورة غير واضحة ويستطيع كل من يرغب في أن يلقي عليها اللون الذي يريده، كما لا يبقى أمامنا سوى الإعلام الشعبي بوسائله المختلفة مهما كانت جودتها أقل من الوسائل المهنية الإحترافية. وهنا تكون الصورة أو الفيلم أو الكاريكاتير أو الجرافيتي الذي قام شخص ما بالتقاطهما أو تسجيلهما هما أفضل معبّر عن الواقع وخير توصيف له، كما أن ضمان الإستمرارية في متابعة الحدث وتوابعه، يلقي ضوءا خاصّا على الوسائل الجديدة من وسائل الإعلام الشعبي، ومن أهمها الفيلم الموبايل والجرافيتي والموسيقى والأغنية العفوية، بالإضافة إلى الفنون الكلاسيكية المعروفة. ومن ناحية أخرى يهدف لفتح الباب أمام وسائل الإعلام البديلة لكي تدعّم وجودها ودورها في إعلام المواطن بالأخبار والأحداث التي عجز الإعلام التقليدي عن تسجيلها وعرضها، وذلك بالإضافة لباقي الأنشطة الثقافية والفنون المختلفة.

وينبع اهتمامنا بإعلام المواطن الأوروبي بما يجري في العالم العربي من أن هذا المواطن هو صاحب الكلمة الأخيرة في سياسات حكومته، وتعلق الحكومات اهتماما كبيرا على رأي هذا المواطن وتوجهاته. لذلك فإن أي دعم تقدمه الدول الأوروبية لمشاريع التنمية والتطوير في الدول المعنية يعتمد اعتمادا كبيرا على موافقة هذا المواطن على تلك المشاريع وتأييده المستمر لبرامج دعم الديموقراطية والتنمية في دول الربيع العربي وغيرها من الدول. وفي تصورنا أن دول الربيع العربي ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصفة عامة، تحتاج إلى دعم الدول الأوروبية، وبالتالية إلى تعريف المواطن الأوروبي بكل ما يجري على تلك الساحات لكي يستمر في دعم حكومته وتأييد برامج التنية التي تقوم بها.

ولأن الثقافة وتبادل الثقافات هما أقصر الطرق للتعريف بالآخر، يقوم منتدى الربيع العربي بتنظيم مهرجان ثقافي وفنّي في عدة مجالات مختلفة وذلك ابتداء من عام 2014.

هذا المهرجان – مهرجان الثقافات العربية – سوف يقام سنويا في مجالات الفنون المختلفة السابق ذكرها، وسيكون مفتوحا للجميع، ونعني بهذا أبناء الدول العربية بصفة خاصة، ولكننا نرحب أيضا بكل من يرغب في المشاركة أيا كانت دولة إقامته، بشرط أن تكون مشاركته متعلّقة بالثقافة العربية، كأن يكون في زيارة مؤقتة للدولة المعنية وقت وقوع حدث ما ويكون قد شاهده بنفسه وصوره بنفسه أو كتب عنه شعرا أو ألّف كتابا أو عملا فنيا الخ.

إدارة المنتدى تأمل في مشاركة أكبر عدد ممكن في هذه المهرجانات وتتمنى الإدارة التوفيق والنجاح للجميع. كما ترحّب الإدارة بمشاركة المؤسسات العربية غير الحكومة في التنظيم المشترك أو التعاون في مجالات أخرى في إطار مجال النشاطات التي يقوم بها المنتدى.

زر الذهاب إلى الأعلى